{إلهكم إله واحد} أي ثبت بما مر أن الإلهية لا تكون لغير الله وأن معبودكم واحد {فالذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ} للوحدانية {وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ} عنها وعن الإقرار بها {لاَ جَرَمَ} حقا {أَنَّ الله يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} أي سرهم وعلانيتهم فيجازيهم وهو وعيد {إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المستكبرين} عن التوحيد يعني المشركين. {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ} لِهؤلاء الكفار {مَّاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أساطير الأولين} {ماذا} منصوب ب {أَنزل} أي أيَّ شيء أنزل ربكم، أو مرفوع على الابتداء أي أيُّ شيء أنزله ربكم و{أساطير} خبر مبتدأ محذوف. قيل: هو قول المقتسمين الذين اقتسموا مداخل مكة ينفّرون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سألهم وفود الحاج عما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: أساطير الأولين أي أحاديث الأولين وأباطيلهم واحدتها أسطورة، وإذا رأوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرونهم بصدقه وأنه نبي فهم الذين قالوا خيراً {لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ القيامة وَمِنْ أَوْزَارِ الذين يُضِلُّونَهُمْ} أي قالوا ذلك إضلالاً للناس فحملوا أوزار ضلالهم كاملة وبعض أوزار من ضل بضلالهم وهو وزر الإضلال لأن المضل والضال شريكان واللام للتعليل {بِغَيْرِ عِلْمٍ} حال من المفعول أي يضلون من لا يعلم أنهم ضلال {أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ} محل {ما} رفع {قَدْ مَكَرَ الذين مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى الله بنيانهم مّنَ القواعد} أي من جهة القواعد وهي الأساطين، وهذا تمثيل يعني أنهم سوّوا منصوبات ليمكروا بها رسل الله فجعل الله هلاكهم في تلك المنصوبات كحال قوم بنوا بنيانا وعمدوه بالأساطين، فأتى البنيان من الأساطين بأن ضعضعت فسقط عليهم السقف وهلكوا، والجمهور على أن المراد به نمرود بن كنعان حين بني الصرح ببابل طوله خمسة آلاف ذراع وقيل فرسخان فأهب الله الريح فخر عليه وعلى قومه فهلكوا فأتى الله أي أمره بالاستئصال {فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السقف مِن فَوْقِهِمْ وأتاهم العذاب مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ} من حيث لا يحتسبون ولا يتوقعون.